غسان مطر: كيف تحول «شرير الشاشة» الأنيق من مقاومة المخيمات إلى أيقونة الكوميديا؟

تخيل أن يكون الصوت الأجش الذي أرعب جيلًا كاملًا هو نفسه صاحب أطيب قلب في الكواليس. في ذكرى استحضار مسيرته اليوم، 8 ديسمبر 2025، نغوص في تفاصيل حياة غسان مطر، الفنان الذي لم يكن مجرد ممثل لأدوار الشر، بل كان حالة فنية نادرة جمعت بين قسوة الملامح ورقة المشاعر، تاركًا بصمة لا تُمحى في ذاكرة السينما المصرية والعربية.

لماذا يعتبر غسان مطر «شريرًا» برتبة محبوب الجماهير؟

لم يكن غسان مطر يمثل الشر التقليدي، بل كان يمنحه هيبة خاصة وكاريزما طاغية.
تميزت مدرسته في الأداء بالانفعالات المدروسة والتوتر الذي يشد الأعصاب، وهو ما ظهر جليًا في فيلم «الأبطال» أمام وحش الشاشة فريد شوقي، حيث كان الند القوي الذي لا يستهان به.

تجاوزت موهبته مجرد الصراخ أو التهديد، لتصل إلى التعبير بالنظرات الحادة.
في فيلم «أيام الرعب» مع النجم صلاح ذو الفقار، وفي ملحمة «الطريق إلى إيلات»، أثبت أن أدوار الشر تتطلب ذكاءً فنيًا عاليًا لتبقى خالدة في أذهان المشاهدين، وليس مجرد عنف جسدي عابر.

الوجه الآخر: من التراجيديا إلى الضحك مع «الكبير أوي»

الذكاء الفني الحقيقي يكمن في القدرة على السخرية من الذات، وهذا ما فعله غسان ببراعة.
استطاع في سنواته الأخيرة كسر حاجز الرعب وتحويله إلى مادة للضحك، خاصة عندما ظهر بشخصيته الحقيقية أو أدوار مشابهة في مسلسلات مثل «الكبير أوي» و«راجل وست ستات».

أثبتت هذه النقلة النوعية مرونته العالية وقدرته على التكيف مع الأجيال الجديدة.
رغم أن المخرجين حصروه لسنوات في قالب الرجل الشرير، إلا أنه تمرد على هذا القالب بابتسامة، جاعلًا من جملته الشهيرة “اعمل الصح” إفيهًا كوميديًا يتداوله الشباب حتى اليوم.

حقيقة شخصيته: قلب طفل في جسد عملاق

خلف الكاميرا، كان غسان مطر إنسانًا مختلفًا تمامًا عما نراه على الشاشة.
كان يرى نفسه دائمًا شخصية طيبة ومسالمة، ويشبه نقاء قلبه بزملاء مثل محمود الجندي وكمال أبو رية، مؤكدًا أن الشر الذي يجسده هو مجرد تحدٍ لقدراته التمثيلية وليس انعكاسًا لروحه.

لم يكتفِ بالتمثيل، بل حمل هموم زملائه بصفته نائب رئيس اتحاد الفنانين العرب.
هذا المنصب لم يكن تشريفًا، بل كان وسيلة لدعم الحركة الفنية وتطويرها، مما يضيف بعدًا إنسانيًا وقياديًا لمسيرته التي بدأت من معاناة المخيمات والمقاومة لتنتهي بقمة المجد الفني.

الجدول الزمني لأبرز محطات «الشر الظريف»

رحل غسان مطر عن عالمنا في 27 فبراير 2015 بعد صراع مع مرض السرطان، لكن أعماله بقيت حية. إليكم نظرة سريعة توضح كيف تلونت أدواره بين الجدية والفكاهة:

العمل الفنينوع الشخصيةالتأثير في الذاكرة
الأبطالشرير كلاسيكيترسيخ صورة الند القوي للبطل
الطريق إلى إيلاتعدو استراتيجيمشاركة في عمل وطني ملحمي
أيام الرعبشرير سيكولوجيإظهار التوتر والضغط النفسي
الكبير أويكوميدي ساخرتحويل الهيبة إلى مادة للضحك
راجل وست ستاتضيف خفيف الظلالتواصل مع الجيل الجديد

إن إرث غسان مطر ليس مجرد قائمة أفلام، بل هو درس في كيفية تحويل الملامح القاسية إلى جسر للمحبة، ليظل اسمه محفورًا كواحد من أظرف وأقوى أشرار الشاشة العربية.