صادرات مصر من الدهانات والأحبار نموًا بنسبة 11%و نجاح بـ 254 مليون دولار .. المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة،

هل تخيلت يومًا أن علبة دهان بسيطة تساهم في بناء اقتصاد أمة؟ تشهد صادرات مصر من الدهانات والأحبار قفزة نوعية، محققة أرقامًا تبعث على الفخر وتفتح أبوابًا لفرص استثمارية واعدة. فمع التحول العالمي نحو الاقتصاد الأخضر، لم تعد الجودة وحدها هي المقياس، بل أصبحت الاستدامة هي مفتاح الأسواق العالمية، وهو ما نجحت مصر في استغلاله ببراعة لتتجاوز قيمة صادراتها حاجز الـ 254 مليون دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام، بنمو ملحوظ بلغ 11%.

وفقًا لبيانات المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة، بلغت صادرات مصر من الدهانات والأحبار 254 مليون دولار محققة نموًا بنسبة 11%، وتُعد ليبيا والمملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي من أبرز الأسواق المستوردة للمنتجات المصرية.

تحليل أرقام الصادرات

عندما ننظر إلى الأرقام، نرى أكثر من مجرد إحصائيات؛ نرى استراتيجية ناجحة وقدرة على التكيف. لم يأتِ هذا النمو من فراغ، بل هو نتاج جهود متكاملة لرفع القدرة التنافسية للمنتج المصري، الذي بات يجد طريقه بثقة إلى رفوف المتاجر ومواقع البناء حول العالم.

كم بلغت قيمة صادرات مصر من الدهانات والأحبار؟

بشكل مباشر، سجل قطاع الدهانات والأحبار المصري أداءً استثنائيًا، حيث قفزت قيمة الصادرات من 229 مليون دولار إلى 254 مليون دولار خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر 2025 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. هذا النمو، الذي يمثل 11%، يعكس زيادة الطلب العالمي وثقة المستوردين في جودة وتنافسية المنتجات المصرية، ويشكل جزءًا هامًا من النجاح الأكبر لقطاع الصناعات الكيماوية الذي بلغت صادراته الإجمالية 6.8 مليار دولار.

من هي أهم الدول المستوردة للدهانات المصرية؟

تتوزع خريطة الصادرات المصرية بذكاء بين الأسواق التقليدية والأسواق الواعدة، مما يضمن استقرار التدفقات التصديرية ويقلل من المخاطر. يمكننا تلخيص أبرز وجهات الدهانات والأحبار المصرية في الجدول التالي:

ما وراء الأرقام: التحدي الذي تحول إلى فرصة

النجاح الحقيقي لا يكمن فقط في تحقيق أرقام قياسية، بل في القدرة على تحويل التحديات إلى نقاط قوة. يواجه المصدرون المصريون اليوم تحديًا كبيرًا يتمثل في المواصفات البيئية العالمية الجديدة، خاصة تلك المتعلقة بنسبة الرصاص في المنتجات.

معيار الـ 90 جزءًا في المليون بوابة العبور للأسواق الكبرى

تخيل أن منتجك الممتاز يُرفض عند حدود أكبر سوق في العالم ليس لجودته، بل لعدم مطابقته لمعيار بيئي دقيق. هذا هو الواقع الذي يواجهه المصدرون الآن. دول ومناطق اقتصادية كبرى مثل الاتحاد الأوروبي، تركيا، الصين، ودول غرب إفريقيا (ECOWAS) بدأت في تطبيق قيود صارمة للحد من نسبة الرصاص في الدهانات لتصل إلى 90 جزءًا في المليون (PPM).

هذا ليس مجرد تحدٍ فني، بل هو تحول استراتيجي في السوق. الشركات التي ستنجح في التوافق مع هذه المعايير لن تحافظ على حصتها السوقية فحسب، بل ستفتح أبواب أسواق جديدة كانت مغلقة في السابق، وستبني سمعة عالمية كمنتج مسؤول ومستدام.

كيف تهيمن مصر على أسواق الدهانات المستقبلية؟

للانتقال من لاعب إقليمي قوي إلى قائد عالمي مؤثر، تحتاج صناعة الدهانات المصرية إلى تبني رؤى تتجاوز الأرقام الحالية. الفرص الحقيقية تكمن في مناطق لا يراها الكثيرون.

“العلامة الخضراء”: مفتاح الأسواق الأوروبية المتميزة

ما لا تظهره الأرقام للوهلة الأولى هو أن التوافق مع معايير الرصاص المنخفضة ليس مجرد تذكرة دخول، بل هو فرصة للحصول على “علاوة سعرية خضراء” (Green Premium). المستهلك الأوروبي والمشاريع الكبرى في الاتحاد الأوروبي على استعداد لدفع سعر أعلى مقابل المنتجات التي تثبت التزامها بالاستدامة والصحة العامة. يمكن للمصانع المصرية التي تستثمر في تكنولوجيا الدهانات الخالية من الرصاص أن تضع علامة “صُنع في مصر” كمرادف للجودة والمسؤولية البيئية، مما ينقلها من المنافسة على السعر إلى المنافسة على القيمة.

إفريقيا القارة الواعدة لصناعة الدهانات المصرية

بينما تُظهر الأرقام الحالية تركيزًا على شمال إفريقيا، فإن المستقبل الحقيقي يكمن في عمق القارة. مع تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA)، تمتلك مصر فرصة ذهبية لتصبح المورد الرئيسي للدهانات عالية الجودة لمشاريع البنية التحتية والعمران الهائلة في دول مثل نيجيريا وكينيا وإثيوبيا. إن إنتاج دهانات متوافقة بيئيًا وبأسعار تنافسية سيجعل مصر الخيار الأول لهذه الأسواق الناشئة والمتعطشة لمنتجات موثوقة، مما يفتح فصلًا جديدًا كليًا في قصة نجاح مستقبل صناعة الدهانات في مصر.